قصص نجاح

هدى علي المنصوري

الدفعة الخامسة
إمارة الشارقة

مهندسة كيميائية حاصلة على درجة الماجستير في العلوم البيئية، محبه للعمل التطوعي وخدمة المجتمع، تكمل دراسةالدكتوراه في هندسة الاستدامة البيئية، عضوة في جمعية الإمارات للإبداع ورئيس قسم سعادة المجتمع، عملت في القطاع الحكومي في عدة جهات اتحادية ومحلية ولديها خبرة تقارب العشر سنوات في مجال العمل الهندسي والميداني.

عنوان المقال: عندما تحسين أنك فارسة بحق!!!

بتطوعك تعبر بلا كلمات ولا شعارات عن المعنى الحقيقي لكلمة الإخوة الإنسانية في أسمى معانيها.

لا أنكر الخوف الشديد الذي اجتاحني وأفراد أسرتي عندما سمعنا بجائحة كورونا وظهور الأرقام والإحصائيات والمعلومات التي تؤكد جميعها على خطورة المرض وصعوبة مواجهته، وقدرته على الفتك بحياة البشرية، ومع اعترافي بالخوف، بدأت مواجهته بيني وبين نفسي، ثم مع أفراد عائلتي، ثم فكرت بغيري خارج إطار العائلة ممن تقف قدراتهم المعرفية والمجتمعية والمادية عائقا دون فهم المرض فضلا عن مواجهته، في هذه اللحظة فقط فكرت أن لهؤلاء دين في رقبتي وأنه لابد من وجود مجال لمساعدتهم، فما أعرفه وأدرسه عن التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية لابد أن يكون له تطبيق ما على أرض الواقع، وكانت الكلمة السحرية هي التطوع لدعم كل أولئك الذين يواجهون المرض بشجاعة وتفان من الفرق الطبية واللوجستية داخل الإمارات.
كان بالفعل قرارا صعبا ان تخرج من بين جدران البيت الذي يحميني من المرض، ومن المكان الذي أستطيع أن أتخذ فيه كل الإجراءات الاحترازية لحماية نفسي إلى حيث يوجد المرض، ويوجد نسب كبيرة لإمكانية الإصابة، كان الوضع بالنسبة لي كمن يخرج إلى ساحة معركة حقيقية بكل ما للكلمة من معنى، ولكن ما تلى ذلك من خطوات كان أسهل بكثير، فحيث كنا مع الفرق الطبية للوقاية والحماية والمسح الذي تقوم به الفرق الطبية، وجدت الكثيرين من أبناء الإمارات، وعدد من الإخوة المقيمين معي ، كل منا يتفانى في التوعية وتقديم الدعم وفق آلية واضحة وضعتها الجهات المسؤولة التي حرصت على حمايتنا كحرصها على دعم المصابين ورعايتهم.
كانت تجربة استثنائية بمعنى الكلمة، للحظة يكتشف الإنسان نفسه، يكتشف أنه مجرد جزء صغير في عالم ضخم، يكتشف ضعفه، ومعه يكتشف قدرته على العطاء، كان إحساسا رائعا، أن تواجه تحديات الخوف داخلك، والعدوى حولك والطقس شديد الحرارة والرعب في عيون الناس، مع صيام رمضان، تواجه كل ذلك وأنت واثق من حفظ الله لك، لأنك بتطوعك هذا إنما تعبر بلا كلمات ولا شعارات عن المعنى الحقيقي لكلمة الإخوة الإنسانية في أسمى معانيها.
ما زلت فخورة بالتجربة، وأتمنى تكرارها مرات ومرات، للحظة أحسست أنى فارسة، وأني أنتصر في معركة حقيقية، صدقوني أحسست في تلك اللحظة فقط أني من فرسان التسامح.
ولمن يحب التفاصيل بدأت القصة من يوم تلقيت المكالمة التي كنت أنتظرها بفارغ الصبر. حيث تم استدعائي من قبل هيئة الصحة بأبوظبي للمشاركة ضمن فريق التطوع “المارشال الإماراتي” – وكنت تقدمت إليهم بطلب يعبر عن رغبتي في التطوع لديهم لمواجهة الجائحة – وذلك لمساندة خط الدفاع الأول بمركز المسح الوطني لفيروس كوفيد-19 المستجد في الشارقة، كان هدف الفريق هو دعم خط الدفاع الأول من أطباء وكوادر طبية في تسهيل إجراء الفحوصات؛ لتعزيز الصحة العامة ومكافحة الوباء.
تتلخص مهامي في التطوع الميداني الذي يبدأ يوميا بواقع خمسة أيام من الأحد إلى الخميس من الساعة العاشرة صباحاً حتى الساعة السادسة مساء في مركز المسح الوطني بالشارقة، بتنظيم مسارات دخول وخروج المركبات في المسارات المحددة لها داخل مركز المسح وفقاً للآليات المعتمدة، ومساعدة الأفراد على التسجيل، والتأكد من درجة حرارتهم وإرشادهم إلى أهم الإجراءات الواجب اتباعها. ومن من أجل تسهيل إجراءات التسجيل والمسح الطبي، يتم التأكد من لون اللاصق على المركبات، حيث يشير اللاصق ذو اللون الأخضر إلى إعفائها من الرسوم للفئات المستثناة من كبار المواطنين وأصحاب الهمم وأصحاب الأمراض المزمنة بالإضافة إلى الحوامل سواء مواطنين أو مقيمين، بينما يشير اللاصق الأصفر على المركبة بأنه قد تم دفع رسوم الفحص عبر التطبيق الذكي لشركة صحة، والسماح لها بالدخول للمركز عبر مسارات محددة، من أجل تسهيل التسجيل والفحص لكل فئة.
لقد كانت تجربة استثنائيةبالفعل حيث لمست تضافر الجهود من كافة شرائح المجتمع التي سارعت بالتطوع معنا ضمن الفريق بالمركز من مواطنين ومقيمين بالرغم من الصيام خلال شهر رمضان وارتفاع حرارة الجو وتفضيل قضاء فترة عيد الفطر في مركز المسح ضمن فريق المتطوعين بدلاً من قضاءه مع الأسرة؛ وهو ما يؤكد على نجاح قادتنا وحكومتنا الرشيدة في ترسيخ مفهوم المسؤولية المجتمعية بين مختلف أفراد المجتمع، خاصة خلال فترة الأزمات والكوارث.
علمتني هذه التجربة تعزيز مفهوم التسامح وتطبيق التعايش مع كافة أفراد المجتمع وذلك من خلال التعاون مع زملائي المتطوعين من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية، إلى جانب تقديم المساعدة وخدمة الجمهور من مرتادي المركز من مختلف الجنسيات المتواجدة في الدولة سواء كانت جالية مقيمة أو زائرة وتسهيل الإجراءات والمساعدة في سرعة إتمامها. إن التحاقي بالتطوع خلال هذه الفترة الحرجة التي تمر بها الدولة والعالم أجمع أعده أحد أكبر إنجازاتي خلال فترة الأزمة، هو نابع من حبي وانتمائي للوطن ومحاولة لرد جزء بسيط من جميل هذا الوطن علي.

أدام الله وطننا آمناً مطمئناً وأطال الله في عمر قيادتنا الرشيدة وحفظ شعب دولة الإمارات.